رواية أخلاق الوزيرين للكاتب أبو حيان التوحيدي
تحقيق: خميس حسن
لو نال أبوحيان التوحيدي الحظوة والجاه عند ابن العميد والصاحب بن عباد الذين طرق بابهما آملا ما كان طمعه يدندن حوله ونفسه تحلم به، لو حدث ذلك ما خرجت لنا هذه التحفة الأدبية من الإبداع الفني النثري التي خطها لنا، وظلت حبيسه لديه خوفا من بطش هذين الوزيرين ذوي السطوة والقوة في زمنه. هذا الكتاب يمثل عملية رصد لحقبة سياسية متقلبة في حياة الدولة العباسية، من خلال ملازمة أبي حيان لاثنين من أشهر الوزراء والساسة في زمانه، ومن خلال هذه الملازمة والمعايشة صاغ تجربته في كتابه “أخلاق الوزيرين” الذي رصد فيه ما اتصف به هذان الوزيران من الكبر والغرور والفساد وقسوة اللسان والقلم. وزاد هذه التجربة ثراء وإبداع في التصوير الأدبي أن أبا حيان أديب واسع الثقافة، أكسبته صلته بالناس على اختلاف طبقاتهم ومشاركته لهم في حياتهم تجربة واسعة، فهو ناقد مر، ذو حس مرهف ينفعل لأخف المؤثرات، ويسجل أسرع الحركات وأخفاها، يصحب كل ذلك قدرة لغوية فائقة تسعفه على نقل أحاسيسه نحو الناس -مهما دقت- في غاية الوضوح والصفاء. وبهذه المواهب جميعا حضر مجلس الصاحب، وعايش ما فعله ابن العميد. فرأى وسمع ولقى منهما ما ملأ عليه حواسه فسجل ما شعرت به نفسه من الألم في كتابه هذا، وأخرجه صورا صورا معبرة رائعة ناطقة، أظهر فيها أبو حيان بحق أنه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة.
المراجعات
Clear filtersلا توجد مراجعات بعد.